بسم الله الرحمن الرحيم

ماكرون والإسلام

بسم الله الرحمن الرحيم
صيدا في 19 صفر 1442
الموافق 6 تشرين الاول 2020
ماكرون والإسلام
تعليقا على ما ورد على لسان الرئيس الفرنسي "ايمانويل ماكرون" حول ما سماه "الإسلام الإنفصالي" في فرنسا، علق رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة سماحة الشيخ ماهر حمود بما يلي:
أولا: كنا قد رحبنا بالمبادرة الفرنسية التي قام بها الرئيس "ماكرون" بمساعدة لبنان على الخروج من ازماته المتلاحقة، وإذ نكرر أن إفشالها حتى هذه اللحظة يتحمله فريق الرئيس ماكرون، الذي على ما يبدو، لم يوضح لبعض الفرقاء اللبنانيين المعنيين بالمبادرة حدود صلاحياتهم، فانتهجوا نهج التفرد والاستقواء وكأنهم وجدوها فرصة تاريخية لتعويض "خسائرهم" السياسية الفادحة، إلا أننا لا نزال نرى في المبادرة الفرنسية ما يمكن أن يساعد لبنان على النهوض من أزماته والانطلاق إلى مرحلة سياسية جديدة بعد تعديل الآليات المتبعة.
ثانيا: يصعب على المراقب أن يفصل تصريح الرئيس الفرنسي عما سماه "الإسلام الإنفصالي في فرنسا عن مبادرته في لبنان، وذلك لأن بعض المراهقين في السياسة لا يزالون يحملون الفريق "الإسلامي" في لبنان مسؤولية فشل المبادرة، وكأنه أراد بذلك أن يعوض عن ضعف موقفه في لبنان بتجرئه على الإسلام "الفرنسي".
ثالثا: إن ربط الرئيس ماكرون بين مشاكل الضواحي الفرنسية التي تعاني من الفقر بالدين الإسلامي يدل على نوع من التدليس المرفوض، فهو يعلم تماما كما كافة المراقبين أن مشكلة هذه الطبقات الفقيرة التي تعاني من التهميش والإهمال، عمرها يعود إلى عمر الاستعمار الفرنسي في الجزائر والمغرب العربي وغيره، حيث تم التعامل مع هذه الطبقات المهاجرة بعنصرية بالغة تخالف أبسط مبادئ الثورة الفرنسية التاريخية، ولقد كان هؤلاء بمعظمهم ممن يتبنون الاتجاه اليساري الذي كان رائجا في ذلك الوقت، ثم انتقل كثير من هؤلاء إلى الالتزام بالفكر الإسلامي الذي رأوا فيه عونا لحل مشاكلهم بغض النظر عن ملاحظاتنا على بعض أفكارهم.
رابعا: إننا نضم صوتنا إلى البيان الذي صدر عن شيخ الأزهر حفظه المولى، والموقف الذي أصدره الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين وغيرهما من الجهات الإسلامية، حيث اعتبروا أن هذه التصريحات تصريحات عنصرية تناقض الدعوة إلى التعايش والاندماج الذي يسعى إليه الأوروبيون في سياستهم إزاء المهاجرين كما يقولون.
خامسا: إن كان الرئيس ماكرون يعتبر أن هؤلاء متطرفون يغالون في أفكارهم ويخرجون عن المألوف، فقد كان من واجبه أن يبين أن هذا الاتجاه قد أساء إلى العالم الإسلامي كله قتلا وتدميرا وتهجيرا، وتمت إدانته من جميع القوى التي يفترض أنها تمثل الإسلام، مع التأكيد أن مثل هذه الاتجاهات المتطرفة قد ثبت للجميع أنها دُعمت بسخاء من الأمريكيين وحلفائهم، مما يجعل المسؤولية على هؤلاء وليس على "الإسلام" كما ورد على لسانه، وعلى أجهزة مخابراته أن تدقق بالدور الأمريكي والإسرائيلي في دعم هذه الاتجاهات وتدينها، وزبالتالي تصدر موقفا بإدانتها.
سادسا: يتبين مما يبدو أن مثل هذا الموقف يهدد دور الرئيس "ماكرون" وفرنسا السياسي في العالم الإسلامي، وعليه إعادة النظر في مستشاريه وفريق عمله قبل استئناف أي دور خارجي.
سابعا: ان مثل هذا الخطأ الكبير الذي ارتكبه ماكرون ينبغي أن يكون دافعا للقوى الإسلامية الفاعلة أن تتعاون وأن تتكامل لتوضيح الدور الإسلامي الحضاري الرائد في التاريخ والحاضر، وإدانة التيارات المتطرفة التي تلبس لبوس الإسلام وتشوه صورته ودوره.