الانتفاضة الثالثة
2015-10-21

بسم الله الرحمن الرحيم
بيان صادر عن الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة
إننا نحيي انتفاضة أهلنا في القدس وفي سائر فلسطين، ونرى أن هذه الانتفاضة الجديدة هي مصداق لوعد الله بأن تبقى هذه القضية تنبض بالحياة، وان بني إسرائيل الصهاينة الذين استباحوا الأرض وزوروا التاريخ واخضعوا السياسة العالمية لانحرافهم وجرائمهم وأباطيلهم، سيظلون معذبين حتى يأتي وعد الله:
{وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَن يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ} الأعراف167
1- إن أوضح ثمرات هذه الانتفاضة أنها زرعت الرعب في قلوب المغتصبين (المستوطنين)، فأصبح يقتل بعضهم بعضا خوفا ورعبا وأصبح الضابط والجندي منهم لا يأمن أن يحمل سلاحه حتى لا يُقتل به، هذا الرعب الذي يقلقهم ويلزمهم البيوت ويذكرهم في كل لحظة أن احتلالهم إلى زوال.
وإذ نؤكد تسمية هذه الانتفاضة بانتفاضة القدس، وهي الانتفاضة الثالثة المظفرة بإذن الله، نؤكد دون أي تردد أنها تحمل أيضا في طياتها وعدا ربانيا ثانيا وهو الاستبدال، فعندما تخلى الحكام والحكومات وكثير من الجهات الوطنية والإسلامية وكثير ممن يفترض ألا يضيّعوا البوصلة، ألهم الله هؤلاء الشبان الأبطال بأن يقوموا بهذه الأعمال العظيمة البسيطة بالمفهوم العسكري العظيمة جدا في البعد الإنساني والتاريخ ليكونوا بديلا عن الخائنين والناكثين، وهذا ما تنطق به الآية الكريمة {إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئاً وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}التوبة39.
2- إن أعظم ما في هذه الانتفاضة أنها لم تأت بقرار من احد، ولا تستطيع أية جهة أن تدعي أنها اتخذت القرار وأشعلت هذه الانتفاضة، وهذه قوة لهذه الانتفاضة حيث لا تستطيع جهة أن تضغط باتجاه ضبطها أو إنهائها كما يطلب رئيس حكومة العدو المجرم (ناتنياهو) من الحكومات العربية أن تفعل.
كما أننا نرى أن نتيجة هذه الانتفاضة لن يستطيع احد أن يستوعبها أو يحرفها عن مسارها، كما حصل في الانتفاضتين السابقتين، حيث انتهت الأولى (بأوسلو) والثانية بالتأكيد على التفاوض والتنسيق الأمني... الخ، فان هذه الانتفاضة قد زرعت في ضمير المحتل الإسرائيلي الخوف والرهبة والشعور بالاضطراب الدائم.
3- إننا نؤكد أنه عندما قالت (غولدا مائير) عام 1969 أن العرب امة نائمة ونستطيع أن نفعل ما نشاء، وذلك بعد أن توقعت ردة فعل عارمة من العرب اثر إحراق المسجد الأقصى آنذاك فلم تجد أية ردة فعل توازي تلك الجريمة، اليوم لا يستطيع (نانتياهو) أن يقول هذا الكلام، صحيح أن الحكومات والجامعة العربية وكثير من الجهات في حالة موت سريري لا يرجى منهم شيء، ولكن شباب فلسطين وفتياتها كفيلون بأن يكونوا البدلاء عن الجميع وكأنهم يتمثلون قول الشاعر:
فلا تناشد زعيما تستعز به وكن عفيفا وعظم حرمة الدين

واستغن بالله عن دنيا الملوك كما استغنى الملوك بدنياهم عن الدين
4- إننا نرى اليوم من خلال فهمنا القرآني أن قدرتنا على النصر في هذه الانتفاضة مزدوجة: إن انتصار سيدنا داوود على جالوت كان بتوفيق الله وتسديده وكان انتصاره على الجبارين بقيادة جالوت.
نحن اليوم نمتلك القوتين معا: نحن شعب الجبارين، الشعب الذي يُخرّج كل يوم الأبطال الاستشهاديين، الشعب الذي تدفع فيه الأمهات أبناءها إلى الجهاد والاستشهاد، الشعب الذي لم يفت في عضده الخذلان العربي والخيانات المتكررة من ذوي القربى.
نحن اليوم داوود وجالوت معا، وليس لبني إسرائيل الصهاينة ما يبررون به جرائمهم لا في الديانة اليهودية ولا في القوانين المعاصرة.
5- إننا نؤكد أن المقاومة بأشكالها المتعددة هي الرد الطبيعي والدائم على الاحتلال الصهيوني والتخاذل العربي، وان هذا الشكل الجديد الذي استنبطه المقاومون في فلسطين أدى دورا لم يكن احد يتوقعه، كما لم يتوقع احدٌ أن يقوم الحجر بهذا الدور الرائد في الانتفاضة الأولى، وكأن الآية الكريمة تلخص هذا الأمر بقوله تعالى: {... وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـكِنَّ اللّهَ رَمَى ...} الأنفال17، وكذلك {... وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ ...} المدثر31.
6- إننا ندعو علماء العالم الإسلامي بشكل خاص وكافة المسلمين وكافة الشرفاء إلى إعادة تقويم للمرحلة السابقة، حيث انخرطت كثير من الحركات الإسلامية وكثير من علماء الدين والفاعليات الإسلامية، بالفتنة والمؤامرات التي دارت رحاها في سوريا بشكل خاص وفي مصر والعراق وليبيا وأماكن أخرى، كما أن بعض هؤلاء انخرطوا في تأييد العدوان السعودي على الشعب اليمني المظلوم بحجج لا تنطلي على عاقل.
إننا ندعو على ضوء المفاهيم العظيمة التي نتعلمها من هذه الانتفاضة المباركة، أن يعيد الجميع تصويب البوصلة، ولنتكاتف جميعا ولنتعاون على طريق دعم هذه الانتفاضة المباركة، عسى أن تكون وحدة الصف ووحدة الرؤية خلف أهلنا في فلسطين بابا لنصر مؤزر مبين قريب بإذن الله تعالى.
عسى الله أن يلهمنا الحق ويوحد القلوب ويهدينا إلى سواء السبيل...