بسم الله الرحمن الرحيم
الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة
البيان الختامي للملتقى التشاوري " مقاومة تحرر وإرهابٌ يدمر"
لبى لفيفٌ من علماء الأمة الإسلامية وشخصياتٍ سياسية وثقافية دعوة الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة في العاصمة اللبنانية بيروت، لعقد لقاء تشاوري بعنوان " مقاومة تحرر ... وإرهابٌ يدمر" وذلك في ظل الأحداث الأليمة التي تشهدها الأمة الإسلامية، والتطورات المتلاحقة التي تطرأ على العالم الإسلامي، والقرارات الخطيرة التي أقدمت عليها منظمة التعاون الإسلامي ومن قبلها مجلس وزراء الداخلية في جامعة الدول العربية، الذين اعتبروا المقاومة إرهاباً، واصفين حزب الله وهو الذي يتربع على قمة هرم المقاومة العربية والإسلامية بأنه حزبٌ إرهابي.
وقد استنكر المجتمعون هذه القرارات الخطيرة، واعتبروها افتئاتاً على الأمة، وظلماً لقواها المقاومة، وتآمراً على ثوابتها ومنطلقاتها الأصيلة، ووصفوا هذه القرارات بالظلم وأنها تنسجم وأماني وأحلام العدو الصهيوني وقوى الاستكبار العالمي، التي تعتقد بأن حزب الله وقوى المقاومة العربية والإسلامية، تقف شوكةً في حلوقهم، وصخرةً صماء في مواجهة مشاريعهم التآمرية.
ودعا المجتمعون إلى احتضان المقاومة العربية والإسلامية بعمومها، وعلى وجه الخصوص منها مقاومة حزب الله، التي تتعرض لسيلٍ من التآمر والاستهداف، وأكدوا على ضرورة العمل على تحصينها والدفاع عنها، وعدم التخلي عنها في هذه المراحل المصيرية التي تعيشها الأمة، وحذروا من مغبة التخلي والاستخفاف بهذه المسألة، فهي ليست إلا خطوة أولى في مسارٍ تآمريٍ على هذه الأمة، وهي لن تقف عند حزب الله فقط، بل ستتعداه إلى كل قوى المقاومة الفلسطينية الأخرى، فإذا سكتت الأمة اليوم عن استهداف حزب الله فإنها ستكون غداً أكثر صمتاً وأشد عجزاً.
وأجمع الملتقون على أن الحروب الداخلية التي تشهدها بعض دولنا العربية، وعلى الرأس منها سوريا التي احتضنت المقاومة ورعتها، ووقفت إلى جانبها وضحت من أجلها، إنما هي حروبٌ مفتعلة، ومعاركٌ بالوكالة، تديرها قوى الاستكبار العالمي وتستخدم فيها أدواتها المأجورة بهدف استنزاف الأمة وشغلها عن القضية الأساس للأمة العربية والإسلامية، وتشويه صورة المقاومة الشريفة في لبنان وفلسطين، وهي التي تمول الإرهاب وترعاه، وتتحكم فيه وتنظمه، وتوجهه وتحركه، خدمةً لمصالحها وتحقيقاً لأهدافها.
وقد اختتم اللقاء التشاوري في بيروت أعماله بمجموعةٍ من الملاحظات والتوصيات داعياً إلى الاهتمام بها والتأكيد عليها، على أمل أن تتجاوز الأمة محنتها، وأن تنعتق من ربقتها التي يريدها لها أعداء هذه الأمة، وأكد المجتمعون على القرارات والتوصيات التالية ...
أولاً: إن استهداف حزب الله ووصفه بالإرهاب، إنما هو استهدافٌ للمقاومة كلها وتآمرٌ عليها، وهو عملٌ تآمري يستهدف القضية الفلسطينية، ويخدم المصالح الإسرائيلية، الأمر الذي يوجب على الأمة رفض هذا القرار وأمثاله، والتصدي له وعدم الصمت تجاهه، وإلا فإن على الأمة أن تنتظر المزيد وتتوقع الأسوأ.
وأشاد المجتمعون بحزب الله قيادةً وكوادر ومقاتلين، باعتباره واحداً من أنبل ظواهر المقاومة العربية والإسلامية، وأكدوا على أهمية دوره وأصالته في بناء وتحصين محور المقاومة، إذ أنه عمودها الفقري وعمادها الأساس، وقد تمكن من تحقيق الانتصار على العدو الإسرائيلي في أكثر من موضعٍ، وأجبره على الانسحاب وما زال قادراً على ردعه وصده، ووضع حدٍ لأحلامه وخيالاته.
ثانياً: أكد المجتمعون على دعم الأمة الإسلامية للانتفاضة الفلسطينية الثالثة، واعتبروا أنها من أنصع صور المقاومة، وأفضل وجهٍ يعبر عن الشعب الفلسطيني في المرحلة الراهنة، وأنها أحد أهم أشكال المقاومة التي تتطلب من الأمة دعمها ومساندتها والوقوف معها وإلى جانب أهلها، واستنكر المجتمعون سلبية الحكومات العربية والإسلامية، وعدم تأييدها للانتفاضة، وتأخرها عن مساندة أهلها ونصرة قضاياهم.
ثالثاً: أكد المجتمعون على ضرورة دعم المقاومة الإسلامية في العراق، المتمثلة في الحشد الشعبي والقوى الداعمة له، ودعو الشعب العراقي المؤمن إلى المساهمة في الحشد الشعبي في مقاومته لقوى الإرهاب والاستكبار، وترى أن الجماعات الإرهابية في بلادنا الإسلامية، وعلى رأسها تنظيم "داعش" مؤامرة من قبل دول الاستكبار والصهيونية العالمية، لإضعاف الأمة وتشتيت شملها وإشغالها بنفسها عن القضية المركزية لأمتنا العربية والإسلامية، وهي القضية الفلسطينية والأقصى الشريف.
رابعاً: توقف المجتمعون المشاركون في اللقاء التشاوري بمسؤوليةٍ كبيرةٍ أمام المؤامرة التي تتعرض لها مدينة القدس، والأخطار المحدقة بالمسجد الأقصى المبارك، ودعو الأمة إلى ضرورة التنبه إلى المساعي الصهيونية المحمومة للسيطرة على المسجد الأقصى، وانتزاعه كلياً من المسلمين، الذين يحتل في عقيدة المسلمين موقعاً مميزاً كونه القبلة الأولى وثالث الحرمين الشريفين، وأكدوا على وجوب بذل الجهود وتوحيدها من أجل القدس وللدفاع عن مسجدها.
وأشاد المجتمعون بحركة المقاطعة الدولية المتزايدة ضد العدو الصهيوني، ودعوا إلى ضرورة تعزيزها وتعميقها، وعقد ملتقياتٍ لها من أجل التنسيق لتفعيلها، كما أدانوا بشدة محاولات التطبيع الرسمية العربية، التي جاهرت بعلاقاتها مع الكيان الصهيوني، وأعلنت عنها بعد أن كانت سريةً لسنواتٍ، واعتبروا أن التطبيع خيانة وتفريط، وهي طعنٌ للفلسطينيين في ظهرهم، وغدرٌ لهم في انتفاضتهم.
واستنكر العلماء صمت المجتمع الدولي عما يتعرض له الفلسطينيون والمسجد الأقصى، والعراقيل التي تضعها سلطات الاحتلال الإسرائيلي لمنع إعادة إعمار قطاع غزة، وما دمرته حروبها واعتداءاتها المتكررة عليه، واعتبروا صمتهم وتخاذلهم بمثابة مشاركة في العدوان على الشعب الفلسطيني، وتخلي عن واجبهم الأخلاقي والإنساني في الوقوف إلى جانب الشعب المظلوم، بل هو تأييد ومساندة للعدو الصهيوني في عدوانه على الشعب الفلسطيني، خاصةً أن بعض الدول العربية تتعمد تعطيل إعادة الإعمار، وتزيد في معاناة الشعب الفلسطيني، ودعوا الحكومة المصرية إلى فتح معبر رفح الحدودي، ورفع الحصار الذي تفرضه على قطاع غزة، والتقوقف عن سياسة إغراق أرض القطاع بمياه البحر، التي أضرت بالسكان وأفسدة تربة أرضهم المحاصرة.
خامساً: إذ رفض المجتمعون وصف المقاومة بالإرهاب، فقد أكدوا أن المقاومة هي الصفحة الناصعة في تاريخ الأمة، وهي بقعة الضوء المضيئة في حاضرها، فهي التي تشيد وتبني، وتعز وترفع، وتجمع وتوحد، في حين أن الإرهاب الذي يصنعه أعداء هذه الأمة هو الذي يدمر ويخرب، ويفرق ويمزق، ويشتت ويباعد، وهو الذي يستهدف الأمة الإسلامية في تاريخها الناصع وحاضرها الأليم ومستقبلها الواعد، ودعو إلى ضرورة مواجهة الجماعات الإرهابية والتصدي لها، دفاعاً عن مشروع الأمة الأصيل، وحرصاً على مستقبلها ومصالحها التي لا تلتقي أبداً مع حملة الأفكار الإرهابية.
سادساً: دعا الملتقون إلى وجوب مواجهة الأفكار المتشددة والاجتهادات المتطرفة، ورأوا أن هذه التوجهات الفكرية المتطرفة تتقاطع مع الإرهاب وتخدم توجهاته وتصب في مشروعه، الأمر الذي يوجب على الأمة مواجهة هذه الأفكار والتصدي لحملتها ومنع ترويجها وانتشارها، تمهيداً لوحدة الأمة واتفاقها، وسعياً لحل مشاكلها وإنهاء انقسامها.
سابعاً: استنكر المجتمعون الحرب الظالمة التي تقودها السعودية ضد الشعب اليمني المظلوم، ودعوا العالم الإسلامي إلى نصرة الشعب اليمني ومساندته في مواجهة المحنة الشديدة التي يتعرض لها، والتي تستهدف حياة الأطفال والنساء والشيوخ، وتدمر اليمن تاريخاً وحضارة ومستقبلاً.
ثامناً: وقف المجتمعون عند اجتماع حكومة الكيان الصهيوني في هضبة الجولان السورية المحتلة، ورأوا أن اجتماع حكومة العدو وقرارها السابق بضم هضبة الجولان إلى كيانه لا يغير من الواقع شيئاً، فالكيان الصهيوني أولاً كيانٌ غير شرعي، ولا نعترف به ولا بقراراته، وتبقى الجولان أرضاً عربيةً سوريةً محتلةً، ينبغي تحريرها واستنقاذها من براثن العدو الصهيوني.
وأخيراً رأى علماء الأمة والمشاركون الآخرون من الفعاليات السياسية والثقافية في لقائهم التشاوري، أن الأمل في هذه الأمة كبير، والخير في نواصيها معقود، وأنه لا ينبغي اليأس ولا الإحباط، بل يجب العمل بجدٍ ومثابرةٍ، وصدقٍ وإخلاص لتنجو هذه الأمة وتسمو، وتتخلص من أمراضها وتشفى من عللها، وتتطهر من أدرانها وما ران على قلبها، وهذا وعد الله الذي لا يخلف الميعاد،، لكنه لا يكون إلا في ظل العمل الجاد واليقين التام في الله رب هذه الأمة، أنه لن يتركها في تيهها، ولن يترها أعمالها، بل سيأخذ بيدها ويرشدها إلى جادة الصواب، وسيحقق لها وعده إياها بالنصر على أعدائها "كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله لقويٌ عزيز" وما ذلك عليه سبحانه وتعالى بعزيز.