رسالة مفتوحة الى فخامة الرئيس العماد ميشال عون: فخامة الرئيس: العار ولا النار
2017-01-27

بسم الله الرحمن الرحيم
رسالة مفتوحة الى فخامة الرئيس العماد ميشال عون
فخامة الرئيس: العار ولا النار
تحية طيبة واحتراما وسلاما حارا وتمنياتنا القلبية الحارة لكم بالتوفيق والسداد: اما بعد:
يعيش لبنان منذ سنوات في ضجيج وجدال لا ينتهي في امور كبيرة وعلى رأسها (قانون الانتخابات الافضل للبنان)، ولقد اشبع هذا الموضوع بحثا وأدلى الجميع بدلوه وتحدث في الموضوع من له علاقة ومن ليس له علاقة، من هو خبير في الامر ومن هو جاهل فيه... الخ، ولقد وصلنا الى الحائط كما كان متوقعا ولا بد وقد وصلت الامور الى "خواتيمها" ان نقول كلمة لله نقصد بها اصلاح الامر ومحاولة تحريك الامر في الاتجاه المطلوب:
أولا: ما هو القانون الأفضل؟ هنالك شبه اجماع ان القانون الافضل تمثيلا هو قانون النسبية وفق دوائر كبرى، لبنان دائرة واحدة لحالة نموذجية او المحافظات، ولكن الجميع يعود فيقول ان لبنان له حالة خاصة كما في كل شيء... الخ، كما في الديمقراطية اللبنانية المرتكزة الى حقوق الطوائف وكما في توزيع السلطة وكما في لبنان الصغير الحجم الكبير التأثير... الخ، فلبنان بلد الاستثناءات وبالتالي فان هذا الامر من الاستثناءات...
ولنا ان نقول ليس في العالم كله نظام مثالي للتمثيل كما في لبنان، فالدوائر الكبرى تتحول الى (بوسطة) يُحمل فيها من لا يمثل احدا او (محدلة) تسحق المجموعات الصغيرة، والدائرة الصغرى تجعل المال والرشوة والمصالح الصغيرة اقوى من المصلحة الوطنية، والأرثوذكسي يكرس الطائفية ويجعلها مقدمة على الانتماء الوطني، وإلغاء القيد الطائفي يلغي تمثيل طوائف صغرى ويشوه تمثيل طوائف كبرى... الخ.
هكذا رحب الجميع بقانون الطائف ثم قالوا بوسطة او محدلة وقبل الدوحة كانت هنالك اصوات مرتفعة تقول الستين معدلا افضل تمثيل للمسيحيين، ثم اصبح اليوم عارا وتخلفا.. وغدا.. ان طبق قانون النسبية وفق الدوائر الكبرى سيقولون دخل الى المجلس من يمثل مجموعات صغيرة لا تمثل حجما مؤثرا يستحق كل هذه "التضحيات" سترتفع اصوات معترضة وقد تكون اقوى من الاصوات التي تدين اليوم قانون الستين.
هذه اميركا نموذج الديمقراطية الاعلى في العالم (هذا بغض النظر عن ادانتنا "لحربها" الدائمة على قضايانا المحقة وقضايا العالم الثالث)، ولكن لا احد ينكر ان النموذج الاميركي هو المثال الذي تسعي اليه المجتمعات المعاصرة في الديمقراطية، ولكن حتى في اميركا ارتفعت اصوات تستنكر نظام المندوبين وقالوا حصلت كلينتون على اصوات اكثر، اما ترامب ففاز بعدد المندوبين وليس بعد الأصوات: ونفس الجدال حصل بين آل غور وجورج دبليو بوش: ديمقراطية مشوهة وتمثيل ناقص.
مختصرا ليس هنالك قانون مثالي وستبقى الاصوات مرتفعة وسيبقى هنالك من يشكو.
انطلاقا من هذا نقول: ان تصوير البعض ان اي قانون انتخابي سيكون مدخلا ضروريا للإصلاح وان لبنان لن يدخل الى العالم الحديث إلا من خلال النسبية او غيرها، هو مبالغة كبيرة لا تنسجم مع الحقائق المعاشة والتجارب المتكررة.، بل اكاد اقول زوبعة في فنجان.
ولبنان اضافة الى انه بلد الاستثناءات هو بلد التوافق، لقد تم انتخاب فخامتكم بالتوافق بعد فراغ سنتين ونصف تقريبا، وكان توافقا لا بد منه ذكرنا بكل اضطراب يحصل في لبنان ينتهي بالشعار المشهور (لا غالب ولا مغلوب)، حتى لو كان هنالك غالب ومغلوب بشكل او بآخر.
اصرار البعض على رفض النسبية والتمسك بقانون الستين او بما يشابهه ليس امرا ايجابيا بالتأكيد ولكن هذا هو لبنان، الميثاقية ستصبح مهددة، وأي فريق وازن يرفض اي قانون للانتخابات يستحق ان يواجه الآخرين بالميثاقية، وعلى هذا الاساس سواء كانوا على حق ام كانوا على باطل هم يمسكون بسلاح فعال يصيبنا جميعا.
لقد ثبت لدى الجميع ان الذي يغير المعادلات هو التحالفات بين القوى الوازنة، هو الذي قد يرفع قوى وأسماء جديدة ويلغي اسماء تاريخية امام اي قانون انتخاب، النسبي مع الدوائر الكبرى او صوت واحد لمرشح واحد او الستين او غيرهما، وفق الخريطة السياسية المعروفة في لبنان سيأتي بخمسة وجوه جديدة او عشرة على ابعد تقدير، او سيلغي عددا مشابها، وهو ليس العدد الذي يغير المعادلات، إلا عندما يكون هنالك انقسام عامودي كما كان خلال السنتين والنصف التي مرت... لقد كان خمسة نواب قادرين على ان يحولوا الاكثرية النيابية من ضفة الى ضفة.. اما في ظل التحالفات الكبرى فان عددا مماثلا لا يغير شيئا، كما حصل في انتخابكم الميمون.
وعلى هذا فليكن هنالك انتخابات في وقتها وعلى اي قانون كان، وسيكون العهد هو الرابح، وسنكون جميعا الرابحين، اما ان قبلتم القانون الذي يرضي الجميع ولا يلغي احدا حسب تعبيرهم فلست الخاسر ولا نحن، بل لبنان التوافق.
لقد اتهم سيدنا الحسن بن علي رضي الله عنه (جد عائلتنا كما هو معلوم) اتهم بأنه مذل المؤمنين لأنه رضي بالصلح مع معاوية، فرفع شعاره التاريخي: العار ولا النار، حقن الدماء حتى ولو على شروط الخصم خير من الانتصار الذي يهرق الدماء ويؤدي الى النار.
ونحن نقول لك: فليكن العار (قانون الستين) وهو ليس كذلك الى هذا المستوى، ولا النار الذي هو الفراغ او التمديد، سيكون الجميع رابحا وعلى رأسهم فخامتكم: بإجراء الانتخابات على اي قانون كان، حتى لو اعتبر البعض انك تراجعت عن شعاراتك وعن خطاب القسم الذي هو موضع اجماع، حتى لو كان هذا عارا هو خير من النار بالتأكيد.
ان الأهم من قانون الانتخابات برأينا فخامة الرئيس أن نربح في المعركة الكبرى، المعركة ضد الفساد المستشري، الضارب جذوره في الارض والباسط فروعه في كل مكان، تلك المعركة الكبرى والتي لا يفترض ان نقبل فيها بأنصاف الحلول.
نرجو من فخامتك اخذ هذا الكلام بعين الاعتبار... بالتوفيق والسداد.

وتفضلوا بقبول الاحترام
رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة
الشيخ ماهر حمود